ترتبط دورات المياه والمراحيض بالنجاسة بمفهومها الإسلامي، ويرد في التراث الفقهي الحنبلي خصوصا رأيان يبدوان من الوهلة الأولى بأنهما متعارضان، الأول يقول بعدم وجود شيطان بالمراحيض والآخر يقول به.
أولاً، يذكر فقهاء الدين الإسلامي، كالحنابلة، على أن لا وجود لشيطان الخلاء في العقيدة الإسلامية عند أهل الحديث. ويذكرون بأن لقبه وهو شيطان الوضوء واسمه وَلْهان، إنما جاءا بحديث ضعيف وهو الحديث الذي رواه الترمذي و كالتالي:
عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن للوضوء شيطانا يقال له : الولهان ، فاتقوا وسواس الماء " رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب ، وليس إسناده بالقوي عند أهل الحديث ; لأنا لا نعلم أحدا أسنده غير خارجة ، وهو ليس بالقوي عند أصحابنا
في المقابل، يروى عن أحمد بن حنبل بأنه كان "يقول إذا دخل الخلاء: أعوذ بالله من الخبث والخبائث ، وما دخلت قط المتوضأ ولم أقلها إلا أصابني ما أكره". وبهذا يرتبط الأثر بالإسم السابق لهذا الشيطان، الولهان، بأنه يوسوس للمتوضىء كي ينسى وضوءه ولذا يسمى ببعض المصادر بشيطان الوضوء.
وبالنظر إلى اللغة العربية، نجد تفسيرا جزئيا لهذا التعارض سببه استخدام لفظ الخلاء بمعنيين. الأول بمعنى الأماكن خارج العمران، التي يعتقدون بكونها ديارا للشياطين، والثاني الخلاء بمعنى الحمام أي دورة المياه. ويذكر فقهاء أهل الحديث بأن لا شياطين بالخلاء أي دورات المياه وأن الأولى إغلاق أبوابها لنجاستها فقط، بينما تكثر في الخلاء، أي خارج العمران، ويوصون بأن يتعوذ الإنسان من الخبث والخب ائث إن خرج إلى ما وراء العمران، أي الخلاء. وبهذا ما روى أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث؛ متفق عليه"
ومع هذا، وبعد هذا السرد الفقهي، إلا أن لشيطان الخلاء مكانته في الثقافة العربية العامة والشعوب المجاورة لها ولعل هذه المعتقدات متداخلة لكون أصولها واحدة بشكل أو آخر.